يعد حساب التكلفة المستهدفة أداة رئيسية في إدارة التكاليف الحديثة. تستخدمه الشركات لتطوير وتصنيع المنتجات بطريقة يمكن من خلالها تخطيط التكاليف والتحكم فيها على النحو الأمثل منذ البداية. وعلى النقيض من محاسبة التكاليف التقليدية، فإن حساب التكاليف المستهدفة لا يتعلق بتسجيل التكاليف بأثر رجعي، بل يتعلق بالتحكم فيها مسبقًا. وهذا يضمن إمكانية عرض المنتج في السوق بسعر تنافسي مع ترك هامش ربح كافٍ للشركة.
يتمثل الهدف الرئيسي لحساب التكلفة المستهدفة في اتخاذ سعر العميل وظروف السوق كنقطة انطلاق للحساب. تقوم الشركات أولاً بتحليل السعر الذي يكون العملاء على استعداد لدفعه والوظائف التي تعتبر حاسمة بالنسبة لهم. ثم يتم اشتقاق الحد الأقصى لمستوى التكلفة المسموح به من هذا السعر. وبالتالي فإن حساب التكلفة المستهدفة يجبر الشركات على توجيه نفسها باستمرار إلى متطلبات العملاء وتجنب التكاليف غير الضرورية منذ البداية.
يتمثل أحد الجوانب المهمة في إشراك فرق متعددة التخصصات من التطوير والإنتاج والتسويق. فيقومون معاً بتحليل ميزات المنتج الضرورية وأين يمكن خفض التكاليف دون المساس بالجودة أو مزايا العملاء. والنتيجة هي منتج مبتكر وفعال من حيث التكلفة.
يوفر حساب التكلفة المستهدفة مزايا عديدة. فهو يعزز تصميم المنتج الموجه نحو السوق، حيث يتم تحديد السعر من قبل السوق وليس من قبل الشركة وحدها. وفي الوقت نفسه، يزيد من الكفاءة في عمليات التطوير والإنتاج. وتحول المشاركة المبكرة لجميع الأقسام ذات الصلة دون حدوث تغييرات مكلفة في مرحلة متأخرة من التطوير.
كما يساعد تقدير التكاليف المستهدفة الشركات على تأمين قدرتها التنافسية على المدى الطويل. وفي الأسواق الديناميكية، حيث تتعرض هوامش الربح في كثير من الأحيان للضغط، تضمن هذه الطريقة ألا تكون المنتجات ذات جودة تقنية عالية فحسب، بل أن تكون مجدية اقتصاديًا أيضًا.
على الرغم من مزاياه، يرتبط تقدير التكاليف المستهدفة ببعض التحديات. فهو يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الإدارات ودرجة عالية من الشفافية في العمليات. كما يجب على الشركات التأكد من تحديد متطلبات العميل بدقة، حيث يمكن أن يؤدي الافتراض غير الصحيح حول سعر السوق المقبول إلى حسابات خاطئة خطيرة.
عامل النجاح الرئيسي هو الثقافة المؤسسية. لا يمكن لتقدير التكاليف المستهدفة أن يحقق إمكاناته الكاملة إلا إذا كان الموظفون على استعداد للعمل معًا عبر حدود الإدارات وتطوير حلول مبتكرة. فالشركات التي تتقن ذلك لا تستفيد من انخفاض التكاليف فحسب، بل تستفيد أيضاً من زيادة رضا العملاء وتعزيز مكانتها في السوق.
حساب التكلفة المستهدفة هو أكثر بكثير من مجرد طريقة حسابية. فهو يمثل توجهاً استراتيجياً للشركة بأكملها يركز على العميل والسوق. ومن خلال التحكم في التكاليف في المراحل المبكرة من تطوير المنتج، تضمن الشركات ربحيتها وتزيد من فرص نجاحها في مواجهة المنافسة. أما أولئك الذين يطبقون باستمرار حساب التكلفة المستهدفة فيجمعون بين الكفاءة الاقتصادية والتركيز الواضح على العملاء - وهي ميزة تنافسية حاسمة في اقتصاد معولم.